بدأت قضية النزوح السوري تتخذ منحى جدياً، لناحية البحث عن الحلول الملائمة والسعي لمعالجة الخطر الذي يُشكلّه الوجود العشوائي للسوريين في لبنان. ومع استمرار تدفّق النازحين السوريين إلى لبنان عن طريق المعابر غير الشرعية، تتواصل الدعوات اللبنانية إلى ضبط هذا النزوح، وصولاً إلى حدّ وقفه نهائياً بسبب عدم قدرة لبنان على تحمّل تبعاته الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية.
وتداركاً للوضع الدقيق للنازحين، تحرّك وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي بالتعاون مع الجمعيات المعنية على خط تنظيم وضعهم القانوني وآلية عودتهم إلى بلادهم، بغية تخفيف العبء على لبنان في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها، والحرب المشتعلة منذ أشهر على الحدود الجنوبية، والتي ترمي بثقلها على كاهل مؤسسات الدولة.
في السياق، اعتبرَ الباحث في "الدّوليّة للمعلومات" محمد شمس الدين أنَّه على الرغم من كلّ الحديث عن الإجراءات والتدابير لإحصاء عدد السوريين في لبنان، إلّا أنّه حتّى الآن لا يوجد رقم رسمي، بحيث إنَّ الأمن العام يقول إن العدد بحدود مليونين و50 ألف نازح، في حين أنَّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قدرت العدد بنحو 825 ألف نازح.
وذكر شمس الدين أنَّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سلّمت داتا للأمن العام تُفيد بأنَّ العدد مليون و25 ألف نازح، مشيراً إلى أنَّ هذا الرقم المنطقي لأعداد النازحين، بحيث أنّه في أقصى الظروف خلال عامي 2017 و2018 وصل عدد النازحين لمليونين ونصف، لكن نتيجة الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، عادَ قسم كبير من السوريين، في حين أنَّ القسم الآخر أمّن لجوءاً في دول أخرى، مثل ألمانيا، وسويسرا، وفرنسا وأميركا، كما أنَّ هذه الدول كانت تقوم باختيار النازحين وفقاً لحاجتها من اليد العاملة والمهن التي تحتاج إليها.
إلى ذلك، أوضح شمس الدين أنَّ "المشكلة تكمن في عشوائية الانتشار وعدم فرض أي ضوابط وقوانين على اللاجئين السوريين تحدّ من ممارساتهم، خاصةً الذين يعمدون إلى فتح مؤسسات دون إذن أوترخيص، وبذلك فهم يشكلّون منافسة لليد العامة اللبنانية"، لافتاً إلى أنَّ "لبنان يحتاج للعمالة السورية في بعض القطاعات، كالبناء والكهرباء والزراعة، إنما بقطاعات أخرى، فإنَّ هذه المنافسة باتت تشكلّ ضرراً حقيقياً خاصةً وأنَّ رب العمل يبحث عن يد عاملة رخيصة بغض النظر عن التداعيات".
وختم شمس الدين محذراً من تفاقم الوضع على المدى البعيد، قائلاً إنَّ نسبة زيادة اللبنانيين اليوم هي 1%، أمّا السوريين فهي 4%، وبالتالي فإنّه على بعد نحو 50 سنة من اليوم، فإنَّ عدد السوريين سيُساوي عدد اللبنانيين.